Featured Video

اشترك معنا ليصلك كل جديد الموقع, اضغط علي "الانضمام لهذا الموقع"

برام ستوكر


لاشك أن أبراهام ستوكر (1847 – 1912) يحظى بمكانة ممتازة وسط رعايا عالم الرعب و الغموض لا تقل عن المكانة التي حظي بها إأدغار آلان بو فيما قبل ، أو ستيفن كنج فيما بعد .. ويكفي فقط ليدرك القارىء عمن نتحدث بالضبط أن نقول بأسلوب إنجليزي رصين :
- ” آوه يا عزيزي ! إننا نتحدث عن مبدع شخصية دراكولا ! ”

عندئذ ؛ فيما أظن ؛ سيتعالى التصفيق !
فمن هو هذا المبدع العظيم الذي نال شهرة مستحقة وخلق من بين سحب الزمن شخصية أدبية قل أن يجود الزمان بمثلها !
ولد ” أبراهام” أو” برام ” ستوكر في 8 نوفمبر 1847 في مدينة دبلن عاصمة أيرلندا وقد ولد بمرض غير معروف منعه من الاعتماد على نفسه في المشي أو الكلام حتى سن السابعة ، كما أثر أيضاً على مقدرته على الكلام .. و لكن يبدو أن ” أبراهام ” كان عنيداً مصراً على التحدي لذلك فلم يكتفي بتجاوز مرضه فقط .. بل تحول بإصراره إلى رياضي و بطل من أبطال كرة القدم في كلية ( ترينتي ) !
ولم يكتفي ” أبراهام ” الشاب بالتفوق الرياضي بل أضاف إليه التفوق العلمي في الرياضيات و العلوم والتاريخ واللغة وتخرج من الكلية حائزاً على مرتبة الشرف وعمل موظف مدني في قلعة ( دبلن ) لمدة ثماني سنوات ويظهر أن هذا العمل الروتيني الممل هو أكثر أمر يكرهه من أوتي موهبة أدبية ؛ حيث كانت محاولة من ” أبراهام ” لإرضاء والده ليس إلا.
و لكن هذه الفترة شهدت بدايات نشر القصص الأولى ومنها قصة « كأس الكريستال » التي نشرت عام 1872، و« سلسلة القدر » عام 1875، و« لعنة الروح » عام 1880.. كذلك عكف الأديب الناشئ على النقد لصالح إحدى المجلات الأدبية بدون أجر.. و قد كان من الأشياء المؤثرة في حياة ” برام ستوكر ” صداقته القوية بالممثل البريطاني الشهير سير ” هنري أيرفينغ ” .. الذي عمل مديرا لأعماله، كذلك فقد صار مديراً لمسرح ليسيوم الخاص بالسير ” إيرفنج ” ، واستمر في وظيفته مدة سبعة وعشرين عاماً حتى وفاة صديقه في عام 1906.
و قد كان من حسن حظ ” ستوكر ” تعرفه على عدد من أشهر الأدباء في هذه الفترة من خلال اختلاطه بالأوساط الفنية .. ومن هؤلاء الذين أسعد ” ستوكر ” الحظ بتعرفه إليهم ” آرثر كونان دويل” و ” ألفريد لورد تينيسون ” والساخر الكبير ” مارك توين ” و ” أوسكار وايلد ” .. و كان الأخير هو المنافس لأديبنا العظيم علي حب الفتاة الجميلة ” فلورنس بالكومب” التي فضلت ” ستوكر ” وتزوجا في عام 1878.
كان ” برام ستوكر ” شعلة من النشاط ، واعتاد القيام بعدة أنشطة مختلفة فلم يكتفي بعمله كمدير للمسرح بل أعتاد أن يقدم المحاضرات ، ويسافر في رحلات متعددة مع فرقة المسرح إلى الولايات المتحدة وكتب الكثير من المقالات والمواضيع عن صديقه أيرفينغ وأعمال الفرقة المسرحية.
و لكن كل ذلك لم يثني ” ستوكر ” عن اقتحام مجال الكتابة الأدبية الإحترافية بما تتطلبه من مشقة و تركيز جاءت روايته الأولى رومانسية الطابع وهي بعنوان « درب الثعبان » ونشرت في عام 1890، ثم لم يكد ينتهي منها حتى شرع في تحفته الخالدة ( دراكولا ) التي يبدو أنها استغرقت منه وقتاً وجهداً كبيراً ؛ حيث لم ينتهي منها إلا في عام 1897 .. و قد اكتسحت ( دراكولا ) كل الأسواق وحققت أعلى المبيعات في زمنها .. و أجرؤ على الزعم بأنها ما تزال من أكثر الأعمال الأدبية قراءة في كل أنحاء العالم.
و يبدو أن ” ستوكر ” كان رقيق المشاعر فقد أثرت عليه وفاة صديقه سير ” إيرفينج ” تأثيراً شديداً وصل إلى حد إصابة “ستوكر ” بنوبة قلبية.
وخلال مرحلة نقاهته من المرض عمل على كتابة السيرة الذاتية لحياة هذا الممثل من خلال الصداقة التي ربطتهما، وتم نشر الكتاب في 1906.
ويذكر أنه قام بنشر روايتيه « لغز البحر » و « الرجل » في عامي 1902 و 1905 على الترتيب أي قبل إصابته بالمرض .
ولكن تميز ” ستوكر ” و شهرته الحقيقية حققها من خلال روايات الرعب التي لم تكن ( دراكولا ) آخرها .. فمن أعماله العظيمة في هذا المجال رواية « جوهرة السبع نجوم » التي نُشرت عام 1903 وتدور أحداثها في مصر، ورواية «سيدة الخمار» ونُشرت عام 1909، و« مخبأ الدودة البيضاء » ونُشرت عام 1911 و هناك أيضاً عملين له لم يحظيا بالانتشار اللازم و هما ( دفن الجرذان ) و ( منزل القاضي ) .
توفي ” برام ستوكر ” في 20 ابريل عام 1912 ، ويبدو أن الأديب الكبير قد عاني حالة مرضية بالغة في أواخر عمره ، وأذيع في السنوات الأخيرة أنه توفي بالشلل العام المرتبط بالجنون ، و قيل أن هذه الحالة من مضاعفات مرض ( السفلس ) .. و إن كان هذا التفسير ليس مؤكداً بعد !
كيف ولدت شخصية ( دراكولا ) ؟
يحلو لبعض ضعاف الخيال أن يتصورا أن رواية ( دراكولا ) ليست إلا اجترار لأحدث و ذكريات مرتبطة بشخصية الأمير الروماني فلاد دراكول الذي كان أميراً على ترانسلفانيا الرومانية إبان الفتح العثماني لشرق أوروبا و الذي أشتهر بالقسوة والتوحش والذي يقال أنه أعدم مائة ألف إنسان على الخازوق قبل أن يلقي حتفه على يد العثمانيين البواسل في ديسمبر 1476

الحقيقة أن هذه الرؤية قاصرة جداً .. فالرواية كما خطتها يد ” ستوكر ” البارعة لا علاقة لها بفترة حياة الأمير ” دراكولا ” على الأرض بل بالفترة التي تلي موت ” دراكولا ” و تحوله إلى مصاص دماء ..
و لكن هل أسطورة مصاص الدماء سابقة على فترة وجود ” دراكولا ” الحقيقي أم مرتبطة بها أم أن ” ستوكر ” هو الذي أبتدع هذه الأسطورة العجيبة ؟!
مرض بورفيريا
الحقيقة أن قصة أو أسطورة مصاص الدماء هي نتاج الثقافة الشعبية في شرق أوروبا .. و كان سبب نشوء هذه الأسطورة الجامحة هو انتشار لمرض حقيقي يسمي ( بورفيريا ) وهو مرض عضوي قابل للتوارث نادر الحدوث ناجم عن اختلال تنظيم الحديد في الجسم ، و قد عرف باسم ( الداء الملكي ) لأنه أصاب الملكة ” ماري ” ملكة اسكتلندا و كذلك الملك ” جيمس ” الأول ، و الملك ” جورج” الثالث و أعراض هذا المرض هي :

المغص و البول الأسود ونادراً ما تستطيل الأظفار وتبرز الأنياب و يتجعد الجلد ، تصير الحواجب كثيفة و الشفاه مشققة و العينان حمراوان و يتجنب المريض الشمس لأنه لا يتحملها.
و هذا المرض من الأمراض التي يعجز فيها الجسم عن الاستفادة من أحد العناصر الغذائية اللازمة له ، وفي مرض البورفيريا يعجز الجسم عن تمثيل عنصر الحديد و الاستفادة منه مما يؤثر على وظائف الجسم عامة وعلى ملامح المريض خاصة ، فيشحب لون المريض و تتحدب أذناه ومع تطور المرض تصبح الشمس الحادة من العوامل السلبية بالنسبة لمريض بورفيريا الذي يحاول تجنبها قدر الإمكان .. و هكذا فمن الطبيعة دخلنا إلى ما وراء الطبيعة ، ومن حالة مرضية إلى أسطورة مرعبة ! ، طبعاً في عصر خلا من الأطباء المهرة أو العلماء المنهجيين كان لابد أن تتطور الأمور بهذا المنحي الأسطوري ( وفي مرة قادمة سنتحدث بإذن الله أيضاً عن سبب نشوء أسطورة المذؤب ) .
كيف عرف ستوكر بهذه الأسطورة ؟
طبعاً انتشرت هذه الأسطورة في جميع أنحاء أوروبا و عبرت الأطلنطي إلى الولايات المتحدة مع المهاجرين إلى العالم الجديد كما يشهد على ذلك حكاية ” ميرسي بروان ” .

و قد تعرف ستوكر على هذه الأقاصيص من خلال صداقته لأستاذ من جامعة ( بودابست ) المجرية وقد حكي الأستاذ المجري لصديقه ستوكر عن أساطير مصاصي الدماء في ترانسلفانيا ويبدو أن هذه الأسطورة لقيت اهتمام كبير من ستوكر ، وعليه فقد توجه ” ستوكر” إلى أهم المكتبات في لندن ودرس جميع المواضيع والأبحاث التاريخية عن مصاصي الدماء في ترانسلفانيا، وكذلك في مختلف أنحاء أوروبا.. كذلك درس طائر الخفاش مصاص الدماء الذي يعيش في أمريكا الجنوبية .. و إذا أردنا أن نحصر ( مصادر ) رواية ( دراكولا ) أو لنقل عناصر الخلطة السحرية التي أستخدمها ” ستوكر ” لخلق هذه الشخصية الأسطورية الخالدة لوجدناها كالتالي :
1- شخصية الأمير ” فلاد دراكول ” أو ” فلاد ” الثالث الملقب بالمخوزق حاكم ترانسلفانيا.
2- شخصية الكونتيسة ” إليزابيث باثوري ” ملكة مصاصات الدماء التي عرفت بـ ( كونتيسة الدم ) و التي قتلت 50 فتاة قروية و استنزفت دماءهن و شربتها لتعطيها الخلود وتمنحها الجمال الدائم الذي لا يشيخ و قد لقيت حتفها حبيسة بين أربعة جدران عام 1614
3- الأعراض المرضية لمرض حقيقي نادر هو مرض ( بورفيريا )
4- الأساطير الشعبية المنتشرة في تراث شرق أوروبا ( خاصة في رومانيا و المجر ) عن مصاصي الدماء.
تدور أحداث الرواية في أواخر القرن التاسع عشر على شكل مذكرات يرويها ” جوناثان هاركر” المحامي الشاب وبطل الرواية الذي يكلف بمهمة الذهاب إلى ترانسلفانيا للقاء الكونت ” دراكولا “المقيم في قلعته في منطقة نائية لإنجاز الأوراق الرسمية الخاصة بملكيته الجديدة في بريطانيا.
و بعد وصوله إلى القلعة وقضائه بضعة أيام برفقة الكونت، يبدأ ” هاركر ” بالتنبه إلى بعض الوقائع الغريبة في القلعة، ومنها عدم وجود أية مرآة وكذلك عدم تناول الكونت للطعام أو الشراب، بالإضافة إلى غيابه الدائم خلال النهار وعدم نومه في غرفته وغير ذلك من دلائل تجعل القارئ يتابع الأحداث برفقة البطل الذي يتوحد معه.وتنتقل الأحداث بعد ذلك إلى بريطانيا، وبالتحديد إلى مقاطعة وايتبي حيث تصل إليها خطيبة هاركر وتدعى مينا للقاء صديقة عمرها لوسي، وحينما تصل سفينة غريبة مرفأ المقاطعة في ليلة عاصفة يستحيل فيها تمكن أية سفينة دخول المرفأ بسلام، تفقد المنطقة أمنها وسلامتها.
ويجمع الأصدقاء وهم بالإضافة إلى ” مينا ” و ” هاركر” الدكتور “جون سيوارد ” وهو مدير لمصحة للأمراض العقلية و ” آرثر هولموود ” خطيب ” لوسي ” وكوينسي موريس ” الثري الأميركي ، والدكتور” أبراهام فان هيلسينغ ” المحامي والضليع بالتاريخ والفولكلور والأساطير، هدف الانتقام من الكونت دراكولا الذي حول صديقتهم” لوسي ” إلى مصاصة للدماء أسوة بالكثير من سكان المنطقة.وبعد العديد من المغامرات والمطاردات التي تثير الرعب في القارئ، ينجح الأصدقاء أخيرا في اللحاق بسفينة الكونت الهارب إلى ترانسلفانيا، والتمكن بعد معركة مع الغجر الذين يقلون تابوته من قتله بغرز وتد في قلبه وفصل رأسه عن جسده وحشوه بالثوم حيث يتحول حينها الجسد إلى رماد.
و هناك من يري أن الرواية ترمز للصراع الطبقي المحتدم في عصر ” ستوكر ” حيث كانت الطبقة الأرستقراطية ( تمتص دماء الآخرين و تعيش على موتهم ) بينما تمثل مجموعة الأصدقاء الهادفة لتخليص العالم من شر ” دراكولا ” الطبقة الوسطي بمثاليتها و نبلها و سعيها لإقامة العدالة الاجتماعية .
صورة قبر الكونت فلاد دراكولا

أهم أعمال ” برام ستوكر ”
1- دراكولا 1897
2- لغز البحر 1902
3- جوهرة النجوم السبعة 1903
4- الرجل 1905

(5) سيدة الخمار 1909
(6) مخبأ الدودة البيضاء 1911

إقرأ أيضاً …
- الكونت دراكولا : أسطورة مصاص الدماء
- فيلم دراكولا
يمكنك نسخ روابط هذا الموضوع
URL
HTML
BBCode