Featured Video

اشترك معنا ليصلك كل جديد الموقع, اضغط علي "الانضمام لهذا الموقع"

هتلر

معلومات عن هتلر , نبذة عن هتلر , بحث متكامل عن هتلر , تقرير كامل عن هتلر , حياة هتلر



أدولف ألويس هتلر ( (بالألمانية: Adolf Hitler) 20 أبريل1889 - 30 أبريل1945) سياسي ألماني، نازي ولد في النمسا ، و هو زعيم حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني و المعروف للعامة باسم الحزب النازي. تولى أدولف هتلر حكم ألمانيا في الفترة ما بين عامي 1933 و 1945 حيث شغل منصب مستشار الدولة (بالألمانية: Reichskanzler) في الفترة ما بين عامي 1933 و 1945، و زعيم الرايخ (بالألمانية: Führer) - في الفترة ما بين عامي 1934 و 1945. واختارته مجلة تايم واحدًا من بين مائة شخصية تركت أكبر الأثر في تاريخ البشرية في القرن العشرين.[1] وباعتباره واحدًا من المحاربين القدامى الذين تقلدوا الأوسمة تقديرًا لجهودهم في الحرب العالمية الأولى، انضم هتلر إلى الحزب النازي في عام 1920 وأصبح زعيمًا له في عام 1921. وبعد سجنه إثر محاولة انقلاب فاشلة قام بها في عام 1923، استطاع هتلر أن يحصل على تأييد الجماهير بتشجيعه لأفكار تأييد القومية و معاداة السامية و معاداة الشيوعية و الكاريزما أو الجاذبية التي يتمتع بها في إلقاء الخطب وفي الدعاية. في عام 1933، تم تعيينه مستشارًا للبلاد حيث عمل على إرساء دعائم نظام تحكمه نزعة شمولية و ديكتاتوريةوفاشية. وانتهج هتلر سياسة خارجية لها هدف معلن وهو الاستيلاء على ما أسماه بالمجال الحيوي (ألمانية:Lebensarum) (ويُقصد به السيطرة على مناطق معينة لتأمين الوجود لألمانيا النازية وضمان رخائها الاقتصادي) وتوجيه موارد الدولة نحو تحقيق هذاالهدف. وقد قامت قوة الدفاع التي أعاد بنائها بغزو بولندا في عام 1939 مما أدى إلى اندلاع أوروبا بنار الحرب العالمية الثانية.
وخلال ثلاث سنوات، احتلت ألمانيا و دول المحور معظم دول أوروبا وأجزاء كبيرة من أفريقيا ودول شرق و جنوب شرق آسيا والدول المطلة على المحيط الهادي. ومع ذلك، نجحت دول الحلفاء في أن يكون لها الغلبة منذ عام 1942 وما بعده. وفي عام 1945، نجحت جيوش الحلفاء في اجتياح ألمانيا من جميع جوانبها. وارتكبت القوات التابعة لهتلر عددًا وافرًا من الأعمال الوحشية أثناء الحرب اشتملت على جرائم القتل المنظمة لأكثر من سبعة عشر مليون مدني

وأثناء الأيام الأخيرة من الحرب في عام 1945، تزوج هتلر من عشيقته إيفا براون بعد قصة حب طويلة. وبعد أقل من يومين، انتحر العشيقان

سنوات الطفولة
ولد أدولف هتلر في 20 أبريل1889 في فندق Gasthof zum Pommer؛ التي كان يقع في الإمبراطورية النمساوية المجرية [4]. وكان هتلر الابن الرابع بين ستة من الإخوة. أما والده فهو ألويس هتلر (1837 - 1903) وكان يعمل موظفًا في الجمارك. وكانت والدته كلارا هتلر (1860 - 1907) هي الزوجة الثالثة لوالده.ونظرًا لأن الهوية الحقيقة لوالد ألويس شكلت سرًا غامضًا في تاريخ الرايخ الثالث، كان من المستحيل تحديد العلاقة البيولوجية الحقيقية التي كانت تربط بين ألويس وكلارا؛ وهو الأمر الذي استدعى حصولهما على إعفاء بابوي لإتمام زواجهما. ومن بين ستة أبناء كانوا ثمار زواج ألويس وكلارا لم يصل إلى مرحلة المراهقة سوى أدولف وشقيقته باولا التي كانت أصغر منه بسبع سنوات. وكان لألويس ابن آخر اسمه ألويس هتلر الإبن وابنة اسمها انجيلا من زوجته الثانية.[5]
عاش هتلر طفولة مضطربة حيث كان أبوه عنيفًا في معاملته له ولأمه. حتى إن هتلر نفسه صرح إنه في صباه كان يتعرض عادةً للضرب من قبل أبيه. وبعدها بسنوات، تحدث هتلر إلى مدير أعماله قائلاً: "عقدت - حينئذ - العزم على ألا أبكي مرةً أخرى عندما ينهال علي والدي بالسوط. وبعد ذلك بأيام، سنحت لي الفرصة كي أضع إرادتي موضع الاختبار. أما والدتي، فقد وقفت في رعب تحتمي وراء الباب. أما أنا فأخذت أحصي في صمت عدد الضربات التي كانت تنهال علي مؤخرتي." [6] ويعتقد المؤرخون أن تاريخ العنف العائلي الذي مارسه والد هتلر ضد والدته قد تمت الإشارة إليه في جزء من أجزاء كتابه كفاحي
والذي وصف فيه هتلر وصفًا تفصيليًا واقعة عنف عائلي ارتكبها أحد الأزواج ضد زوجته. وتفسر هذه الواقعة بالإضافة إلى وقائع الضرب التي كان يقوم بها والده ضده سبب الارتباط العاطفي العميق بين هتلر ووالدته في الوقت الذي كان يشعر فيه بالاستياء الشديد من والده.

كلارا هتلر والدة هتلر


وغالبًا ما كانت أسرة هتلر تنتقل من مكان لآخر حيث انتقلت من برونو آم إن إلى مدينة باسساو ومدينة لامباتش ومدينة ليوندينج بالقرب من مدينة لينز. وكان هتلر الطفل طالبًا متفوقًا في مدرسته الابتدائية، ولكنه رسب في الصف السادس، وهي سنته الأولى في Realschule (المدرسة الثانوية) عندما كان يعيش في لينز وكان عليه أن يعيد هذه السنة الدراسية. وقال معلموه عنه إنه "لا يرغب في العمل". ولمدة عام واحد، كان هتلر في نفس الصف الدراسي مع لودفيج ويتجنشتاين ؛ الذي يعتبر واحدًا من أكثر الفلاسفة تأثيرًا في القرن العشرين.[7][8][9][10] وبالرغم من أن الولدين كانا في العمر نفسه تقريبًا، فقد كان ويتجنشتاين يسبق هتلر بصفين دراسيين.[11] ولم يتم التأكد من معرفة هتلر وويتجنشتاين لبعضهما في ذلك الوقت، وكذلك من تذكر أحدهما للآخر.[12]
وقد صرح هتلر في وقت لاحق أن تعثره التعليمي كان نابعًا من تمرده على أبيه الذي أراده أن يحذو حذوه ويكون موظفًا بالجمارك على الرغم من رغبة هتلر في أن يكون رسامًا. ويدعم هذا التفسير الذي قدمه هتلر ذلك الوصف الذي وصف به نفسه بعد ذلك بأنه فنان أساء من حوله فهمه. وبعد وفاة ألويس في الثالث من شهر يناير في عام 1903، لم يتحسن مستوى هتلر الدراسي. وفي سن السادسة عشرة، ترك هتلر المدرسة الثانوية دون الحصول على شهادته.
وفي كتابه كفاحي أرجع هتلر تحوله إلى الإيمان بالقومية الألمانية إلى سنوات المراهقة الأولى التي قرأ فيها كتاب من كتب والده عن الحرب الفرنسية البروسية والذي جعله يتساءل حول الأسباب التي جعلت والده وغيره من الألمان ذوي الأصول النمساوية يفشلون في الدفاع عن ألمانيا أثناء الحرب.[13]

النسب والاصل
كان والد هتلر - ألويس هتلر - مولوداً غير شرعي. وخلال السنوات التسع والثلاثين الأولى من عمره، حمل ألويس لقب عائلة والدته وهو تشيكلجروبر.
وفي عام 1876، حمل ألويس لقب زوج والدته يوهان جورج هيدلر. وكان يمكن كتابة الاسم بأكثر من طريقة كالآتي: Hiedler و Huetler و Huettler و Hitler ، وربما قد قام أحد الموظفين بتوحيد صيغته إلى Hitler . وقد يكون الاسم مشتقًا من "الشخص الذي يعيش في كوخ" (ألمانية فصحى: Hütte) أو من "الراعي" (ألمانية فصحى: hüten = يحرس ) والذي تعني في الإنجليزية ينتبه أو قد يكون مشتقًا من الكلمة السلافية Hidlar وHidlarcek . (وفيما يتعلق بالنظريتين الأولى والثانية، فإن بعض اللهجات الألمانية قد يمكنها التمييز إلى درجة بسيطة أو لا يمكنها التمييز بين الصوتين ü- وi- عند النطق.
وقد استغلت الدعاية الخاصة بقوات الحلفاء اسم العائلة الأصلى لهتلر أثناء الحرب العالمية الثانية، فكانت طائراتهم تقوم بعملية إنزال جوي على المدن الألمانية لمنشورات تحمل عبارة "Heil Schicklgruber" تذكيرًا للألمان بنسب زعيمهم. وبالرغم من أن هتلر كان قد ولد وهو يحمل اسم هتلر قانونيًا، فإنه قد ارتبط أيضًا باسم هيدلر عن طريق جده لأمه يوحنا هيدلر.
أما الاسم "أدولف" فهو مشتق من الألمانية القديمة ويعني "الذئب النبيل" (ويتكون الاسم منِ Adel التي تعني النبالة، بالإضافة إلى كلمة ذئب). وهكذا، كان واحدًا من الألقاب التي أطلقها أدولف على نفسه الذئب (ألمانية: Wolf) أو السيد ذئب (ألمانية: Herr Wolf). وقد بدأ في استخدام هذه اللقب في أوائل العشرينات من القرن التاسع عشر وكان يناديه به المقربين منه فقط (حيث لقبه أفراد عائلة فاجنر باسم العم ذئب) حتى سقوط الرايخ الثالث.[14] وقد عكست الأسماء التي أطلقها على مقرات القيادة المختلفة له في كل أنحاء أوروبا القارية ذلك، فكانت أسماؤها Wolfsschanze في بروسيا الشرقية، و Wolfsschlucht في فرنسا، و Werwolf في أوكرانيا وغيرها من الأسماء التي كانت تشير إلى هذا اللقب. علاوةً على ذلك، عرف هتلر باسم "آدي" بين المقربين من عائلته وأقاربه.
وكان جد هتلر لأبيه على الأرجح واحدًا من الأخوين يوهان جورج هيدلر أو يوهان نيبوموك هيدلر. وسرت الشائعات بأن هتلر كان ينتسب إلى اليهود عن طريق واحد من أجداده؛ لأن جدته ماريا شيكلجروبر قد حاملت عندما كانت تعمل كخادمة في أحد البيوت اليهودية. وأحدث المعنى الكامن في هذه الشائعات دويًا سياسيًا هائلاً حيث إن هتلر كان نصيراً متحمساً لإيديولجيات عنصريةومعادية للسامية. وقد حاول خصومه جاهدين إثبات نسب هتلر إلى أصول يهودية أو تشيكية. وبالرغم من أن هذه الإشاعات لم تثبت صحتها أبدًا، فإنها كانت كافية بالنسبة لهتلر لكي يقوم بإخفاء أصوله. ووفقًا لما ذكره روبرت جي إل وايت في كتابه The Psychopathic God: Adolf Hitler ، فقد منع هتلر بقوة القانون عمل المرأة الألمانية في البيوت اليهودية. وبعد ضم النمسا إلى ألمانيا ، قام هتلر بتحويل المدينة التي عاش فيها والده إلى منطقه لتدريب المدفعية. ويقول وايت أن الشعور بعدم الثقة وبالخوف الذي كان هتلر يشعر به إزاء هذا الموضوع قد يكون أكثر أهمية من محاولة خصومه إثبات أصوله اليهودية إثباتًا فعليًا.

سنوات الصبا المبكرة التي قضاها في فيينا وميونيخ
بدءاً من عام 1905، عاش هتلر حياة بوهيمية في فيينا على منحة حكومية لإعانة الأيتام ودعم مالي كانت والدته تقدمه له. وتم رفض قبوله مرتين في أكاديمية الفنون الجميلة في فيينا وذلك في عامي 1907 و 1908 لأنه "غير مناسب لمجال الرسم" وأخبروه أن من الأفضل له توجيه قدراته إلى مجال الهندسة المعمارية.[15] وعكست مذكراته افتتانه بهذا الموضوع:
كان الهدف من رحلتي هو دراسة اللوحات الموجودة في صالة العرض في المتحف الذي كان يطلق عليه Court Museum، ولكنني نادراً ما كنت ألتفت إلى أي شيء آخر سوى المتحف نفسه. فمند الصباح وحتى وقت متأخر من الليل، كنت أتنقل بين المعروضات التي تجذب انتباهي، ولكن كانت المباني دائمًا هي التي تستولي على كامل انتباهي.[16]
وبعد نصيحة رئيس المدرسة له، اقتنع هو أيضًا أن هذا هو الطريق الذي يجب أن يسلكه ولكن كان ينقصه الإعداد الأكاديمي المناسب للالتحاق بمدرسة العمارة.
وفي غضون أيام قلائل، أدركت في أعماقي إنني يجب أن أصبح يومًا مهندسًا معماريًا. والحقيقة هي أن سلوكي هذا الطريق كان مسألة شاقة للغاية حيث إن إهمالي لإتمام دراستي في المدرسة الثانوية قد ألحق الضرر بي لأنه كان ضروريًا إلى حد بعيد. وكان لا يمكن أن التحق بالمدرسة المعمارية التابعة للأكاديمية دون أن أكون قد التحقت قبلها بمدرسة البناء الخاصة بالدراسة الفنية والتي كان الالتحاق بها يستلزم الحصول على شهادة المدرسة الثانوية. ولم أكن قد قمت بأية خطوة من هذه الخطوات. فبدا لي أن تحقيق حلمي في دنيا الفن مستحيلاً بالفعل.[16]
وفي 21 ديسمبر، 1907، توفيت والدة هتلر إثر إصابتها بسرطان الثدي عن عمر يناهز السبعة وأربعين عامًا. وبأمر من أحد المحاكم في لينز، أعطى هتلر نصيبه في الإعانة التي تمنحها الحكومة للأيتام لشقيقته باولا. وعندما كان في الحادية والعشرين من عمره، ورث هتلر أموالاً عن واحدة من عماته. وحاول هتلر أن يشق طريقه بجهد كرسام في فيينا حيث كان ينسخ المناظر الطبيعية الموجودة على البطاقات البريدية ويبيع لوحاته إلى التجار والسائحين وبعد أن تم رفضته أكاديمية الفنون للمرة الثانية، كان ماله كله قد نفذ. وفي عام 1909، عاش هتلر في مأوى للمشردين. ومع حلول عام 1910، كان هتلر قد استقر في منزل يسكن فيه الفقراء من العمال في Meldemannstraße.
وصرح هتلر أن اعتقاده في وجوب معاداة السامية ظهر لأول مرة في فيينا التي كان تعيش فيها جالية يهودية كبيرة تشتمل على اليهود الأرثوذكس الذين فروا من المذابح المنظمة التي تعرضوا لها في روسيا.[16] وعلى الرغم من ذلك، فقد ورد على لسان أحد أصدقاء طفولته وهو أوجست كوبيتسك أن ميول هتلر "المؤكدة في معاداة السامية" قد ظهرت قبل أن يغادر لينز في النمسا.[16] وفي هذه الفترة، كانت فيينا مرتعًا لانتشار روح التحيز الديني التقليدية، وكذلك للعنصرية التي ظهرت في القرن التاسع عشر. ومن الممكن أن يكون هتلر قد تأثر بكتابات لانز فون ليبنفيلس؛ واضع النظريات المعادي للسامية، وكذلك بآراء المجادلين من رجال السياسة أمثال: كارل لويجر مؤسس الحزب الاشتراكي المسيحيوعمدة فيينا بالإضافة إلى المؤلف الموسيقي ريتشارد فاجنروجورج ريتر فون شونيرر وهو أحد زعماء حركة القومية الألمانية التي عرفت باسم بعيداً عن روما!؛ وهي الحركة التي ظهرت في أوروبا في القرن التاسع عشر والتي كانت تهدف إلى توحيد الشعوب التي تتحدث الألمانية في أوروبا. ويزعم هتلر في كتابه كفاحي أن تحوله عن فكرة معارضة معاداة السامية من منطلق ديني إلى تأييدها من منطلق عنصري جاء من احتكاكه باليهود الأرثوذكس:

كان هناك عدد قليل جدا من اليهود في لينز. في سياق قرون من اليهود الذين يعيشون هناك قد أصبحت [[اوروبية |] Europeanised] في مظهره الخارجي ، وكانت الكثير من مثل غيرهم من البشر بأنني حتى بدا عليها والألمان. السبب في أنني لم يدرك بعد مدى سخف هذه ضربا من الوهم أن تكون العلامة الخارجية الوحيدة التي يعترف بها وتمييزها عن لنا هو ممارسة دينهم غريبة. كما اعتقدت أنهم يتعرضون للاضطهاد بسبب دينهم بلدي النفور من سماع تصريحات ضدهم نمت تقريبا الى شعور الاشمئزاز. لم أكن على الأقل يشتبه في أنه لن يكون هناك شيء من هذا القبيل لمعاداة السامية منهجي.
مرة واحدة ، عندما تمر عبر المدينة الداخلية ، وفجأة واجه ظاهرة في قفطان طويل ويرتدي الجانب الأسود الأقفال. أول الفكر هو : هل هذا هو يهودي؟ ومن المؤكد انهم لم يكن لديها هذا المظهر في لينز. لقد راقبت بعناية الرجل خلسة ولكن بحذر ويعد الأول يحدقون في ملامح غريبة وفحص وميزة من ميزة ، وأكثر في مسألة الشكل نفسه في ذهني : هل هذا هو اسم اللغة الألمانية؟
وإذا كان هذا التفسير صحيحًا، فمن الواضح أن هتلر لم يكن يتصرف وفقًا لهذا المعتقد الجديد. فقد كان غالبًا ما ينزل ضيفًا على العشاء في منزل أحد النبلاء اليهود بالإضافة إلى قدرته الكبيرة على التفاعل مع التجار اليهود الذين كانوا يحاولون بيع لوحاته
وربما تأثر هتلر أيضًا بقراءته للدراسة التي قام بها مارتن لوثر والتي كان عنوانها On the Jews and their Lies. وفي كتابه كفاحي يشير هتلر إلى مارتن لوثر باعتباره محاربًا عظيمًا ورجل دولة حقيقي ومصلح عظيم، وكذلك كان كل من فاجنر و فريدريك الكبير بالنسبة له.[18] وكتب فيلهلم روبك عقب واقعة الهولوكوست، قائلاً: "مما لا شك فيه أن مذهب مارتن لوثر كان له تأثير على التاريخ السياسي والروحي والاجتماعي في ألمانيا بطريقة - بعد التفكير المتأمل في كل جوانبها - يمكن وصفها بأنها كانت جزء من أقدار ألمانيا.
وزعم هتلر أن اليهود كانوا أعداءً للجنس الآري. كما ألقى على كاهل اليهود مسئولية الأزمة التي حدثت في النمسا. واستطاع الوقوف على صور محددة من الاشتراكية و البلشفية التي تزعمها العديد من القادة اليهود - كنوع من أنواع الحركات اليهودية - ليقوم بعمل دمج بين معاداة السامية وبين معاداة الماركسية. وفي وقت لاحق، ألقى هتلر باللوم في هزيمة الجيش الألماني أثناء الحرب العالمية الأولى على ثورات عام 1918 ومن ثم، أتهم اليهود بجريمة التسبب في ضياع أهداف ألمانيا الاستعمارية، وكذلك في التسبب في المشكلات الاقتصادية التي ترتبت على ذلك.
وعلى ضوء المشاهد المضطربة التي كانت تحدث في البرلمان في عهد الملكية النمساوية متعددة الجنسيات، قرر هتلر عدم صلاحية النظام البرلماني الديمقراطي للتطبيق. وبالرغم من ذلك - ووفقًا لما قاله أوجست كوبيتسك والذي شاركه الغرفة نفسها في وقت من الأوقات - أن هتلر كان مهتمًا بأعمال الأوبرا التي ألفها فاجنر أكثر من اهتمامه بآرائه السياسية.
واستلم هتلر الجزء الأخير من ممتلكات والده في مايو من عام 1913 لينتقل بعدها للعيش في ميونيخ. وكتب هتلر في كفاحي أنه كان يتوق دائمًا للحياة في مدينة ألمانية "حقيقية". وفي ميونيخ، أصبح هتلر أكثر اهتمامًا بفن المعمار؛ وذلك ما جاء على لسان هتلر وظهر في كتابات هوستن ستيوارت تشامبرلين. كما أن انتقاله إلى ميونيخ قد ساعده أيضًا على التهرب من أداء الخدمة العسكرية في النمسا لبعض الوقت بالرغم من أن الشرطة في ميونيخ (والتي كانت تعمل بالتعاون مع السلطات النمساوية) تمكنت في نهاية الأمر من إلقاء القبض عليه. وبعد فحصه جسديًا وتقدمه بالتماس يدل على ندمه على ما اقترفه، تقرر أنه غير لائق لأداء الخدمة العسكرية وتم السماح له بالعودة إلى ميونيخ. ومع ذلك، وعندما دخلت ألمانيا الحرب العالمية الأولى في أغسطس من عام 1914، تقدم هتلر بالتماس لملك بافاريالودفيج الثالث للسماح له بالخدمة في فوج بافاري. وبالفعل وافق الملك على التماسه، وتم تجنيد أدولف هتلر في الجيش البافاري.[19]

الحرب العالمية الأولى
هتلر أثناء الحرب العالمية الأولى


خدم هتلر في فرنسا وبلجيكا مع الفوج البافاري الاحتياطي السادس عشر -والذي عرف باسم فوج ليست (بالألمانية: Regiment List) نسبةً إلى قائده الأول-. وانتهت الحرب بتقلده رتبة جيفريتر (وهي رتبة تعادل وكيل عريف في الجيش البريطاني و جندي من الدرجة الأولى في الجيوش الأمريكية). عمل هتلر كرسول بين الجيوش؛ وهي واحدة من أخطر الوظائف على الجبهة الغربية، وكان معرضًا في أغلب الأحيان للإصابة بنيران العدو.[20] كما اشترك في عدد من المعارك الرئيسية على الجبهة الغربية، وتضمنت هذه المعارك: معركة يبريس الأولى والتي وقعت في جنوب بلجيكا، و معركة السوم التي وقعت بالقرب من ذلك النهر الفرنسي الذي يحمل نفس الاسم، و معركة آراس التي وقعت في شمالي فرنسا، معركة باسكيندايلي التي وقعت في شمال غرب بلجيكا[21]. ودارت معركة يبريس في أكتوبر من عام 1914 وكانت معروفة في ألمانيا باسم مذبحة الأبرياء (بالألمانية: Kindermord bei Ypern) حيث شهدت مقتل حوالي أربعين ألف من الجنود (وهو عدد بين ثلث ونصف عدد الجنود المشاركين فيها) وذلك من كتائب المشاة التسعة التي اشتركت فيها، وخلال عشرين يومًا. أما الكتيبة التي كان هتلر فرداً من أفرادها، فقد تقلص عدد الجنود فيها من مائتين وخمسين جندي إلى اثنين وأربعين جنديًا بحلول شهر ديسمبر. وكتب كاتب السير الذاتيةجون كيجان أن هذه التجربة قد جعلت هتلر يتجه إلى الانعزال والانطواء على نفسه خلال السنوات الباقية للحرب.[22]
وتقلد هتلر وسامين تقديرًا لشجاعته في الحرب. حيث تقلد وسام الصليب الحديدي من الدرجة الثانية في عام 1914، وتقلد أيضًا وسام الصليب الحديدي من الدرجة الأولى في عام 1918؛ وهو تكريم نادرًا ما يحصل عليه عسكريًا من رتبة جيفريتر[23]. ومع ذلك، لم تتم ترقية هتلر إلى رتبة أونتيروفيزير (وهي رتبة تعادل العريف في الجيش البريطاني) نظرًا لكونه يفتقر إلى المهارات القيادية من وجهة نظر قادة الفوج الذي كان ينتمي إليه. ويقول بعض المؤرخين الآخرين أن السبب وراء عدم ترقيته يرجع إلى أنه لم يكن مواطناً ألمانياً. وكانت المهام التي كان هتلر يكلف بها في المقرات العسكرية محفوفة عادةً بالمخاطر، ولكنها سمحت له بمتابعة إنتاج أعماله الفنية. وقام هتلر برسم الصور الكاريكاتورية والرسومات التعليمية لإحدى الصحف التابعة للجيش. وفي عام 1916، أصيب هتلر بجرح إما في منطقة أصل الفخذ [24] أو في فخذه الأيسر [25] وذلك أثناء مشاركته في معركة السوم ولكنه عاد إلى الجبهة مرةً أخرى في مارس من عام 1917. وتسلم شارة الجرحى في وقت لاحق من نفس العام. وأشار سباستيان هافنر إلى تجربة هتلر على الجبهة موضحًا أنها سمحت له على أقل تقدير بفهم الحياة العسكرية.
وفي الخامس عشر من أكتوبر في عام 1918، دخل هتلر إحدى المستشفيات الميدانية على إثر إصابته بعمى مؤقت عقب تعرضه لهجوم بغاز الخردل. ويشير العالم النفسي الإنجليزي ديفيد لويس وكذلك بيرنارد هورسمتان إلى أن إصابة هتلر بالعمى قد تكون نتيجةً اضطراب تحوّلي (والذي كان معروفًا في ذلك الوقت باسم هيستريا).[26] وعقب هتلر على هذه الواقعة فقال إنه أثناء هذه التجربة أصبح مقتنعًا أن سبب وجوده في الحياة هو "إنقاذ ألمانيا." ويحاول بعض الدارسين - خاصةً لوسي دافيدوفيتش، [27] أن يبرهنوا على أن نية هتلر لإبادة يهود أوروبا كانت تامة الرسوخ في ذهنه في ذلك الوقت على الرغم من عدم استقراره على الطريقة التي سيتمكن بها من تنفيذ هذا الأمر. ويعتقد معظم المؤرخين أنه اتخذ هذا القرار في عام 1941 بينما يعتقد البعض الآخر أنه قد عقد العزم عليه في وقت لاحق في عام 1942.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، ظل هتلر في الجيش وعاد إلى ميونيخ حيث شارك في الجنازة العسكرية التي أقيمت لرئيس الوزراء البافاري الذي تم اغتياله - كيرت آيسنر وذلك على خلاف تصريحاته التي أعلنها في وقت لاحق.[31] وفي أعقاب قمع الجمهورية السوفيتية البافارية، شارك هتلر في حضور دورات "الفكر القومي" التي كان ينظمها قسم التعليم والدعاية (Dept Ib/P) التابع للجماعة البافارية التي كان يطلق عليها اسم Reichswehr في مركز القيادة الرئيسي الرابع تحت إشراف كابتن كارل ماير. وتم إلقاء اللوم على الشعب اليهودي الذي ينتشر أفراده في كل أنحاء العالم، وعلى الشيوعيين، وعلى رجال السياسة من كل الانتماءات الحزبية؛ خاصةً تحالف فايمار الائتلافي.
وفى يوليو، 1919، تم تعيين هتلر في منصب جاسوس للشرطة (ألمانية:Verbindungsmann ) وكان يتبع (قيادةالاستخبارات) (ألمانية:Aufklärungskommando ) التي كانت تتبع Reichswehr (قوة الدفاع الوطنية) من أجل التأثير على الجنود الآخرين واختراق صفوف حزب صغير؛ وهو حزب العمال الألماني (DAP).وأثناء استكشافه للحزب، تأثر هتلر بأفكار مؤسس الحزب أنتون دريكسلرالمعادية للساميةوالقوميةوالمناهضة للرأسمالية والمعارضة لأفكارالماركسية. وكانت أفكاره تؤيد وجود حكومة قوية ونشيطة؛ وهي أفكار مستوحاة من الأفكار الاشتراكية "غير اليهودية" ومن الإيمان بضرورة وجود تكافل متبادل بين كل أفراد المجتمع. كما حازت مهارات هتلر الخطابية على إعجاب دريكسلر فدعاه إلى الانضمام للحزب ليصبح العضو الخامس والخمسين فيه. كما أصبح هتلر أيضًا العضور السابع في اللجنة التنفيذية التابعة للحزب. وبعد مرور عدة سنوات، أدعى هتلر إنه العضو السابع من الأعضاء المؤسسين للحزب، ولكن ثبت كذب هذا الإدعاء.[بحاجة لمصدر]
كما التقى هتلر مع ديتريش إيكارت وهو واحد من المؤسسين الأوائل للحزب، كما كان عضوًا في الجمعية السرية المعروفة باسم Thule Society.[32] وأصبح إيكارت المعلم الخاص بهتلر الذي يعلمه الطريقة التي يجب أن ينتقي بها ملابسه ويتحدث بها، كما قدمه إلى مجتمع واسع من الناس. ووجه هتلر عميق شكره إلى إيكارت عن طريق الثناء عليه في المجلد الثاني من كتابه المعروف باسم Mein Kampf . وفي محاولة لزيادة شعبية الحزب، قام الحزب بتغيير اسمه إلى حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني (بلألمانية: Nationalsozialistische Deutsche Arbeiterpartei).
وتم تسريح هتلر من الجيش في مارس، 1920، فبدأ مدعومًا بالتشجيع المستمر من أعضاء الحزب من ذوي المناصب الأعلى في المشاركة الكاملة في أنشطة الحزب. وفي بدايات عام 1921، بدأ هتلر يتمكن بشكل كامل من إجادة فن الخطابة أمام الحشود الكبيرة. وفي فبراير، تحدث هتلر أمام حشد يضم حوالي ستة آلاف فرد في ميونيخ. وللدعاية لهذا الاجتماع، أرسل هتلر شاحنتين محملتين بمؤيدي الحزب ليجوبوا الشوارع وهم يحملون الصليب المعقوف محدثين حالة من الفوضى وهم يلقون بالمنشورات صغيرة الحجم إلى الجماهير في أول تنفيذ للخطة التي قاموا بوضعها. انتشرت سمعة هتلر السيئة خارج الحزب نظرًا لشخصيته الفظة وخطاباته الجدلية العنيفة المناهضة لمعاهدة فرساي والسياسيين المنافسين له (بما في ذلك أنصار الحكم الملكي والمنادين بفكرة القومية وغيرهم من الاشتراكيين غير المؤمنين بسياسة التعاون الاقتصادي والسياسي بين الدول؛ واشتهر بوجه خاص بخطاباته المناهضة للماركسيين ولليهود.
واتخذ حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني [33] من ميونيخ مقرًا له. وكانت ميونيخ في ذلك الوقت أرضًا خصبة لمناصري القومية الألمانية الذين كان منهم ضباط من الجيش قد عقدوا العزم على سحق الماركسية وتقويض دعائم جمهورية فايمار (الجمهورية التي نشأت في ألمانيا في الفترة من 1919 إلى 1933 كنتيجة للحرب العالمية الأولى وخسارة ألمانيا الحرب). وبمرور الوقت، لفت هتلر وحركته التي أخذت في النمو أنظار هؤلاء الضباط باعتبارها أداة مناسبة لتحقيق أهدافهم. وفي صيف عام 1921، سافر هتلر إلى برلين لزيارة بعض الجماعات التي كانت تنادي بالقومية. وفي فترة غيابه، كانت هناك حالة من التمرد بين قيادات حزب العمال الألماني في ميونيخ.
وتولت إدارة الحزب لجنة تنفيذية نظر أعضاؤها الأساسيون إلى هتلر باعتباره شخصية متغطرسة ومستبدة. وقام هؤلاء الأعضاء بتشكيل حلف مع مجموعة من الاشتراكيين في مدينة Augsburg. وأسرع هتلر بالعودة إلى ميونيخ وحاول مقاومة الهجمة الشرسة عليه بتقديم استقالته رسميًا من الحزب في 11 يوليو في عام 1920. وعندما أدرك هؤلاء الأعضاء أن خسارتهم لهتلر ستعني عمليًا نهاية الحزب، انتهز هتلر الفرصة وأعلن عن إمكانية عودته إلى الحزب شريطةأن يحل محل دريكسلر في رئاسة الحزب متمتعًا بالنفوذ المطلق فيه. وحاول أعضاء الحزب الحانقين (بما فيهم دريكسلر) الدفاع عن مكانتهم في بداية الأمر. وفي ذلك الوقت، ظهر كتيب مجهول المصدر يحمل عنوان أدولف هتلر: هل هو خائن؟ (بالإنجليزية: Adolf Hitler: Is he a traitor?) ليهاجم تعطش هتلر للاستيلاء على السلطة وينتقد زمرة الرجال الملتفين حوله والذين يتميزون بالعنف. وردًا على نشر هذا الكتيب عنه في صحيفة تصدر في ميونيخ، أقام هتلر دعوى قضائية بسبب التشهير، وحظى في وقت لاحق بتسوية بسيطة معهم.
وتراجعت اللجنة التنفيذية لحزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني عن موقفها في نهاية الأمر واعترفت بهزيمتها، وتم التصويت بين أعضاء الحزب بشأن الموافقة على مطالب هتلر. وحصل هتلر على موافقة خمسمائة وثلاثة وأربعين صوتًا من أصوات الأعضاء في مقابل الرفض من صوت واحد فقط. وفي الاجتماع التالي لأعضاء الحزب الذي عقد في التاسع والعشرين من يوليو، 1912، تم تقديم أدولف هتلر بصفته فوهرر (بالألمانية: Führer) لحزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني؛ وهي المرة الأولى التي تم فيها الإعلان عن هذا اللقب على الملأ.
وبدأت الخطب التي كان هتلر يلقيها في النوادي التي كان يجتمع فيها أفراد الشعب الألماني ليهاجم بها اليهود والديقراطيين الاشتراكيينوالليبراليين وأنصار الحكم الملكي الرجعيين والرأسماليين والشيوعيين تؤتي ثمارهاالمرجوة وتجذب إليه المزيد من المؤيدين. وكان من مؤيدي هتلر الأوائل: ردولف هس، والطيار السابق في القوات الجوية هيرمان جورينج وقائد الجيش ايرنست روم الذي أصبح بعد ذلك رئيسًا للمنظمة شبه العسكرية النازية المعروفة باسم SA (كتيبة العاصفة (بالألمانية: Sturmabteilung))التي تولت حماية الاجتماعات والهجوم على خصومه السياسيين. وكوّن هتلر جماعات مستقلة مشابهة مثل: جبهة العمل الألمانية (بالألمانية: Deutsche Werkgemeinschaft) والتي اتخذت من مدينة Nuremberg مقرًا لها. وكان يوليوس شترايشر رئيسًا لها، وشغل بعد ذلك منصب Gauleiter (قائد فرع إقليمي لحزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني) في منطقة Franconia. علاوةً على ذلك، لفت هتلر أنظار أصحاب المصالح التجارية المحليين، وتم قبوله في الدوائر التي كانت تتضمن أصحاب النفوذ في مجتمع مدينة ميونيخ. كما اقترن اسمه باسم القائد العسكري الذي كان ذائعًا في فترة الحرب الجنرال ايريك لودندورف.

إعادة بناء حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني
وفي الوقت الذي تم فيه إطلاق سراح هتلر، كان الموقف السياسي في ألمانيا قد بدأ يهدأ وأخذت الأحوال الاقتصادية في التحسن مما فرض قيودًا على فرص هتلر في الإثارة والتأليب. وبالرغم من أن انقلاب هتلر العسكري قد أكسبه بعض الشهرة على الصعيد القومي، فإن عماد الحزب الذي يترأسه هتلر ظل في مدينة ميونيخ.
وتم حظر نشاط حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطنى وأعضائه في بافاريا عقب فشل الانقلاب. وتمكن هتلر من إقناع هاينريش هيلد - رئيس وزراء بافاريا - بأن يرفع هذا الحظر مستندًا إلى مزاعمه التي أكد فيها على أن الحزب سيسعى الآن إلى الحصول على السلطة السياسية عبر القنوات الشرعية. وبالرغم من تفعيل رفع الحظر المفروض على حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطنى في السادس عشر من فبراير في عام 1925، فإن هتلر قد جلب على نفسه حظرًا جديدًا نتيحةً لخطبة ملتهبة ألقاها تسببت في إثارة الشغب. ونظرًا لحرمانه من إلقاء الخطابات العامة، قام هتلر بتعيين جريجور شتراسر - الذي تم انتخابه في عام 1924 لعضوية الرايخستاج (البرلمان الألماني)- في منصب رئيس منظمة الرايخ (بالألمانية: Reichsorganisationsleiter)، ومنحه سلطة تنظيم الحزب في شمال ألمانيا. وسلك شتراسر - بالإضافة إلى شقيقه الأصغر اوتووجوزيف جوبلز - مسلكًا بدأت استقلاليته في التزايد مع مرور الوقت ليؤكد بذلك على وجود العنصر الاشتراكي في برنامج الحزب. وأصبحت قيادة جبهة العمل الألمانية في فرعها الإقليمي في شمال غرب ألمانيا (بالألمانية: Arbeitsgemeinschaft der Gauleiter Nord-West) تشكل جبهة معارضة داخلية داخل الحزب لتهدد سلطة هتلر. ولكن، لحقت الهزيمة بهذه الزمرة المنشقة في مؤتمر بامبرج الذي عقد في عام 1926 والذي انضم جوبلز خلاله إلى هتلر.
وعقب هذا الصدام، زاد هتلر من مركزية سلطته في الحزب. وأكد على وجود منصب القائد الأساسي للحزب (نازية) (بالألمانية: Führerprinzip) كمنصب يجعل منه المسئول الأساسي عن تنظيم شئون الحزب. فلا يتم انتخاب القادة من قبل الجماعات التي يقومون بقيادتها، ولكن يقوم رؤساؤهم من ذوي المراكز الأعلى بتعيينهم ويكون لهم ايضًا الحق في مساءلتهم، بينما يتمتع هؤلاء القادة بالطاعة المطلقة ممن هم أقل منهم مركزًا. وتماشيًا مع ازدراء هتلر لفكرة الديمقراطية فقد جعل كل السلطة والنفوذ تنتقل من أعلى لأسفل.
وكان العامل الرئيسي في ازدياد شعبية هتلر بين الناس هو قدرته على استدعاء روح العزة الوطنية التي عرضتها معاهدة فيرساي للمهانة والتي فرضها الحلفاء الغربيون على الأمبراطورية الألمانية المهزومة. وخسرت ألمانيا جزءاً ذا أهمية اقتصادية من أراضيها في أوروبا إلى جانب مستعمراتها. واعترافًا منها بتحمل المسئولية الكاملة عن الحرب، وافقت على دفع مبلغًا ضخمًا يقدر إجماليًا بحوالي مائة واثنين وثلاثين مارك ألماني من أجل إصلاحات الخسائر التي خلفتها الحرب. واستاء معظم الألمان في مرارة من بنود المعاهدة، ولكن كانت المحاولات السابقة التي قام بها النازيون للحصول على تأييد الشعب الألماني بإلقاء اللوم على "الشعب اليهودي في كل أنحاء العالم" غير مقبولة بين جمهور الناخبين. وسرعان ما تعلم الحزب الدرس، فبدأ دعاية ماهرة تمزج بين معاداة السامية والهجوم على الأخطاء التي قام بها "نظام فايمار" والأحزاب السياسية الموالية له.
وبعد فشل الانقلاب الذي قاده هتلر للإطاحة بجمهورية فايمار، انتهج هتلر "استراتيجية الشرعية": وهي تعني الامتثال الرسمي لمبادئ جمهورية فايمار حتى يتولى زمام الحكم بصفة قانونية. ومن ثم، يمكنه استغلال المؤسسات التابعة لجمهورية فايمار للتخلص من هذه الجمهورية وتنصيب نفسه ديكتاتوراً على البلاد. وقد عارض بعض أعضاء الحزب، لاسيما ممثلي كتيبة العاصفة شبه العسكرية، هذه الاستراتيجية التي انتهجها هتلر. وسخر روم وآخرون من هتلر وأطلقوا عليه اسم أدولف الشرعي (بالألمانية: Adolphe Legalité).

وزارتي بابن وشلايخر
متأثراً بالمحيطين به من بطانة المستشارين غير الرسميين، أصبح هيندنبرج ينفر بشكل متزايد من برونينج ويدفع مستشار دولته إلى أن يوجه دفة حكومته في اتجاه محدد يعتمد على فكرة الاستبدادية وكذلك على أفكار الاتجاه اليميني. حتى انتهى بوزارة برونينج إلى تقديم استقالتها في مايو من عام 1932.
وتم تعيين النبيل فرانز فون بابن مستشارًا للبلاد ليترأس "مجلس وزراء البارونات (لقب من ألقاب النبلاء)" وكان بابن يميل إلى الحكم الاستبدادي، ولأن حزب الشعب الوطني الألماني المحافظ (DNVP) كان هو الحزب الوحيد الذي يؤيد إدارة بابن من بين أحزاب الرايخستاج فقد دعا بابن على الفور إلى عقد انتخابات جديدة في يوليو. وأثناء هذه الانتخابات، تمكن النازيون من تحقيق أعظم إنجازاتهم التي استطاعوا تحقيقها حتى ذلك الوقت عندما فازوا بمائتين وثلاثين مقعد ليصبحوا بذلك أكبر الأحزاب تمثيلاً في الرايخستاج.
ولإدراكه إنه من غير الممكن أن يتم تشكيل حكومة مستقرة دون دعم الحزب النازي، حاول بابن أن يقنع هتلر أن يصبح نائب المستشار الألماني ويدخل حكومة جديدة على أساس برلماني. وبالرغم من ذلك، فإن هتلر لم يكن ليرضى بأقل من منصب المستشارية نفسه. وحاول هتلر أن يمارس المزيد من الضغط على بابن بالدخول في مفاوضات موازية مع حزب الوسط - وهو الحزب الذي كان بابن ينتمي إليه في السابق - الذي كان يميل إلى إسقاط حكم بابن المرتد عنه. وفي هذين الخطين المتوازيين من المفاوضات، طلب هتلر - بصفته رئيسًا للحزب الأقوى - أن يتولى منصب المستشار، ولكن باول فون هيندنبرج رفض بإصرار أن يقوم بتعيين "وكيل عريف بوهيمي" في منصب المستشارية.
وبعد التصويت على حجب الثقة عن حكومة بابن، تم حل الرايخستاج بتأييد من نسبة أربعة وثمانين بالمائة من نوابه، وتمت الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة في نوفمبر. وفي هذه المرة، فقد النازيين بعضًا من مقاعدهم ولكنهم احتفظوا بوضعهم كأكبر حزب في الرايخستاج بحصولهم على نسبة 33.1 ٪ من الاصوات.
وبعد أن فشل بابن في الحصول على أغلبية من الأصوات، تقدم بطلب لحل البرلمان مرةً أخرى مع إرجاء إجراء الانتخابات إلى أجل غير مسمى. وفي البداية وافق باول فون هيندنبرج على طلبه، ولكن بعد أن قام الجنرال كورت فون شلايخر والجيش بسحب تأييدهم له قام بدلاً من ذلك بإعفاء بابن من منصبه وتعيين شلايخر خلفًا له. ووعد شلايخر بالحصول على أغلبية للحكومة عن طريق التفاوض مع الديمقراطيين الاشتراكيين والاتحادات العمالية والمنشقين عن الحزب النازي الذين كان يتزعمهم جريجور شتراسر. وفي يناير من عام 1933، كان على شلايخر أن يعترف بفشل جهوده ويطلب من هيندنبرج أن يمنحه سلطات طارئة بالإضافة إلى نفس الطلب بإرجاء إجراء الانتخابات الذي عارضه في وقت سابق. واستجاب الرئيس لهذه الطلبات بإعفاء شلايخر من منصبه.


وفي هذه الأثناء، حاول بابن أن يثأر من شلايشر بالعمل على إسقاط الجنرال عن طريق التخطيط لمكيدة مع حاشية المستشارين غير الرسميين ومع ألفريد هوجنبرج القطب الإعلامي البارز ورئيس حزب الشعب الوطني الألماني. كما اشترك في هذه المكيدة هيلمار شاختوفريتس تيسن ورجال أعمال آخرون بارزون. وقد قاموا بدعم الحزب النازي ماديًا بعد أن كان على وشك الإفلاس بسبب التكلفة الضخمة لحملته الانتخابية. وكتب رجال الأعمال أيضًا خطابات إلى هيندنبرج ليقوموا بحثه فيها على تعيين هتلر رئيسًا للحكومة "مستقلاً عن الانتماء للأحزاب البرلمانية" وهو عمل من الممكن "أن يبهج إلى أقصى الحدود الملايين من المواطنين"[40]. وأخيرًا، وافق الرئيس على مضض على تعيين هتلر مستشارًا يرأس حكومة ائتلافية يشكلها حزب العمال الألماني الاشتراكي الوطني وحزب الشعب الوطني الألماني. وعلى الرغم من ذلك، كان عليه أن يعمل في إطار مجلس محافظ للوزراء - أبرز من فيه هو بابن في منصبه الجديد وهو نائب المستشار وهوجنبرج كرئيس للاقتصاد. وكان فيلهلم فريك هو الوزير الآخر الوحيد الذي ينتمي إلى الحزب النازي بالإضافة إلى هتلر الذي تم إعطاؤه حقيبة وزارية - وهي وزارة الداخلية ذات النفوذ الضعيف نسبيًا. (وفي ذلك الوقت، كانت معظم الصلاحيات التي يتم إعطاؤها لوزراء الداخلية في البلاد الأخرى تمنح لوزراء الداخلية في الولايات الألمانية). وفي محاولة للوصول إلى اتفاق يرضي النازين، تم تسمية جورنج وزير بلا وزارة. وفي الوقت الذي انتوى فيه بابن أن يجعل من هتلر رئيسًا صوريًا، استطاع النازيون أن يصلوا إلى مناصب رئيسية في الوزارة. وعلى سبيل المثال، كان أحد أجزاء الاتفاق الذي أصبح هتلر بمقتضاه مستشارًا لألمانيا هو أن تتم تسمية جورينج - وزير داخليةبروسيا - وأن يرأس أكبر قوة للشرطة في ألمانيا.[بحاجة لمصدر]
وفي صباح الثلاثين من يناير في عام 1933، أدى هتلر اليمين كمستشار في مراسم وصفها بعض المراقبين في وقت لاحق بأنها موجزة وبسيطة. وألقى هتلر أول خطاب له كمستشار للدولة في العاشر من فبراير. وعرف السعي النازي للوصول إلى السلطة فيما بعد باسم "الاستيلاء على السلطة" (بالألمانية: Machtergreifung). وأنشأ هتلر ما أطلق عليه حرس هتلر الشخصي (بالألمانية: Reichssicherheitsdienst) ؛ وهي قوة أمن تابعة لوحدات النخبة النازية وكانوا الحرس الشخصي لهتلر.

بعد تمكنه من إحكام سيطرته على السلطة السياسية بشكل كامل، حاول هتلر أن يكسب تأييد الجماهير لسياساته عن طريق إقناع معظم الشعب الألماني بأنه من سينقذهم من موجة الكساد الاقتصادي التي اجتاحت العالم، وكذلك من معاهدة فرساي والشيوعية و "البلاشفة اليهود" (الذين أثروا سلبًا على الحركة الشيوعية في الفترة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية) وكذلك من تأثير الأقليات الأخرى "غير المرغوب فيها". واستأصل النازي كل معارضة صادفته عن طريق العملية التي أطلق عليها التنسيق بين كل الأنظمة ودمجها في نظام واحد (بالألمانية: Gleichschaltung).

أعادة التسليح والتحالفات الجديدة
تحدث هتلر في اجتماع له مع قادة قواته البرية والبحرية في الثالث من شهر فبراير من عام 1933 عن أهدافه في عالم السياسية الخارجية التي يطمح إلى تحقيقها، فقال: "ضرورة الاستيلاء على مناطق معينة في الشرق لتأمين المجال الحيوي لألمانيا النازية بالإضافة إلى مد سطوة اللغة والبشر والحضارة الألمانية إلى هذه المناطق عن طريق القوة أو عن طريق الاندماج"[51], وظهرت أهداف السياسة الخارجية الألمانية في البيان الأول الرئيسي الذي سلمه وزير الدولة في مارس من عام 1933 في مذكرة إلى مجلس الوزراء الألماني في مبنى وزارة الخارجية (بالألمانية: Auswärtiges Amt). وكان الوزير هو الأمير برنارد فون بولو وهو شخصية مختلفة عن عمه - المستشار الألماني السابق برنارد فون بولو - الذي نال حظًا أوفر من الشهرة من ابن أخيه. وتمثلت هذه الأهداف فيالضم الألماني للنمسا (بالألمانية: Anschluss)، والعودة بالحدود إلى ما كانت عليه في عام 1914، ورفض الجزء الخامس من معاهدة فرساي، واستعادة المستعمرات الألمانية السابقة في أفريقيا، ووجود منطقة نفوذ لألمانيا في أوروبا الشرقية، وكانت كلها أهداف مستقبلية تسعى ألمانيا إلى تحقيقها. ورأى هتلر أن الأهداف الموجودة في مذكرة بولو متواضعة للغاية[52]. وفي مارس من عام 1933، ولحل الأزمة المحتدمة بين فرنسا التي تسعى للحصول على الأمان (بالفرنسية: sécurité) و ألمانيا التي تطالب بوجود عدالة التسلح (بالألمانية: gleichberechtigung) في مؤتمر نزع السلاح في العالم الذي تمت إقامته في جينيف في سويسرا، تقدم رئيس الوزراء البريطاني - رامزي ماكدونالد - بالتسوية التي أطلق عليها اسم "خطة ماكدونالد". وقد صدّق هتلر على "خطة ماكدونالد" - على الرغم من أنه كان يعتقد في عدم جدواها وهو الأمر الذي تحقق بالفعل - فقد كان يسعى في هذه الفترة الفاصلة إلى إثبات حسن نيته أمام العاصمة البريطانية وإظهار حكومته في صورة معتدلة في الوقت الذي تتمسك فيه فرنسا بسياسة تتسم بالعناد[53].
والتقى هتلر في مايو من عام 1933 بالسفير الألماني في موسكو؛ هربرت فون ديركسن. وفي هذا اللقاء، حذر ديركسن الفوهرر من أنه يسمح بتدهور العلاقات مع الاتحاد السوفيتي إلى حد غير مقبول، ونصحه بإتخاذ خطوات فورية لإصلاح العلاقات مع الاتحاد السوفيتي.[54] وقد أصيب ديركسن بخيبة أمل شديدة عندما أبلغه هتلر بأمنيته بحدوث تفاهم مع بولندا ضد السوفيت - وهي الأمنية التي كان احتجاج ديركسن عليها يشير ضمنيًا إلى إدراكه لمشكلة الحدود بين ألمانيا وبولندا. وهكذا، صرح هتلر بأنه يسعى وراء ما هو أكبر بكثير من مجرد إسقاط معاهدة فرساي.[55]
وفي يونيو من عام 1933، اضطر هتلر إلى إعفاء ألفريد هوجنبرج من منصبه في حزب الشعب الوطني الألماني لأنه تقدم عند حضوره مؤتمر لندن الاقتصادي الدولي ببرنامج للتوسع الاستعماري في أفريقيا وأوروبا الشرقية. وقد أدى هذا البرنامج إلى نشوب عاصفة من الاعتراضات عليه في الخارج.[56] وفي حديث له مع عمدة مدينة هامبورج (بالألمانية: Burgermeister) في عام 1933، علق هتلر أن ألمانيا تحتاج إلى سنوات طويلة تنعم فيها بالسلام قبل أن تتمكن من إعادة تسليح جيشها بالشكل الكافي لتخاطر بالدخول في حرب، وأن عليها حتى ذلك الوقت أن تتوخى سياسة حريصة دعا إلى انتهاجها[57]. وفي "خطابات السلام" التي ألقاها هتلر في السابع عشر من مايو في عام 1933، و21 مايوالحادي والعشرين من مايو في عام 1935، والسابع من مارس في عام 1936 أكد على أهدافه السلمية المزعومة وعلى رغبته في العمل في إطار النظام العالمي[58]. أما ما كان يضمره في نفسه، فقد كانت خططًا غير سلمية على الإطلاق.[ما هي؟] وفي اجتماعه الأول مع مجلس الوزراء في عام 1933، قدّم هتلر أولوية الإنفاق على الشئون العسكرية على إعانة البطالة، وصرّح بأنه على استعداد للإنفاق على البند الثاني إذا اكتفى البند الأول أولاً[59]. وعندما تقدم رئيس البنك الألماني المركزيهانز لوثر والذي كان أيضًا مستشارًا سابقًا للبلاد بعرضه إلى الحكومة بتقنين حدًا قانونيًا قيمته مائة مليون مارك ألماني لتمويل إعادة التسلح وجد هتلر أن المبلغ ضئيل للغاية، وقام بإعفاء لوثر من منصبه في مارس من عام 1933 ليستبدله بالوزير هيلمار شاخت الذي كان عليه في الخمس سنوات التالية أن يقدم ما قيمته اثني عشر بليونًا من الماركات الألمانية من السندات المعروفة باسم "Mefo-bills" من أجل الإنفاق على إعادة التسلح[60].
وكان الدخول في تحالف مع بريطانيا من الخطوات التمهيدية الرئيسية الخاصة بالسياسة الخارجية والتي قام بها هتلر في السنوات الأولى من حكمه. ففي العشرينات من القرن العشرين، كتب هتلر أن هدفه المستقبلي الخاص بالسياسة الخارجية الاشتراكية الوطنية هو تدمير روسيا بمساعدة إنجلترا[61]. وفي عام 1933، قام ألفريد روزنبرج بصفته رئيس مكتب السياسة الخارجية في الحزب النازي (بالألمانية: Aussenpolitisches Amt) بزيارة لندن كجزء من جهوده المشئومة لكسب تحالف بريطانيا مع بلاده[62]. أما في أكتوبر من عام 1933، فقد قام هتلر بإعلان انسحاب ألمانيا من عضويتها في عصبة الأممومؤتمر نزع السلاح في العالم بعد أن أعلن وزير خارجيته البارون كونستنين فون نيورات على الرأي العام العالمي أن المطلب الفرنسي بالحصول على "الأمان" هو العقبة الرئيسية التي ستؤدي إلى تعثر كل جهود السلام.[63].
وانطلاقًا من آرائه التي أعلنها في كتابيه كفاحي و كتاب الكتاب الثاني (بالألمانية: Zweites Buch) عن ضرورة بناء تحالف إنجليزي ألماني، تقدم هتلر بمخطط في اجتماعه الذي عقده في نوفمبر من عام 1933 مع السفير البريطاني - سير ايريك فيبس - يقضي بأن تقوم بريطانيا بتقديم الدعم لجيش ألماني قوي قوامه ثلاثمائة ألف من الجنود في مقابل "التعهد بالحماية وعدم الاعتداء" الذي تقدمه ألمانيا إلى الإمبراطورية البريطانية[64]. وردًا على هذا الطلب، قرر البريطانيون ضرورة وجود فترة عشرة سنوات من الانتظار قبل أن تقوم بريطانيا بدعم الزيادة التي تطلبها ألمانيا في حجم جيشها. وقام هتلر بمبادرة أكثر نجاحًا في مجال السياسة الخارجية تتعلق بالعلاقات مع بولندا. وعلى الرغم من المعارضة القوية التي أبدتها وزارة الحربية ووزارة الخارجية (بالألمانية: Auswärtiges Amt) (اللتين كانتا تفضلان تدعيم العلاقات مع الاتحاد السوفيتي، فإن هتلر قد قام في خريف عام 1933 بالبدء في محادثات سرية مع بولندا؛ الأمر الذي أدى إلى توقيع معاهدة عدم الاعتداء الألمانية البولندية في يناير من عام 1934).
وفي فبراير من عام 1934، التقى هتلر مع حامل الخاتم الملكي البريطاني - سير انتوني إيدن - وألمح بقوة إلى أن ألمانيا تملك بالفعل سلاحاً للطيران تم حظر استخدامه بناءً على معاهدة فرساي [65]. وفي خريف عام 1934، انتاب هتلر القلق الشديد من خطر التضخم المالي الذي كان يهدد شعبيته [66]. وفي خطاب سري ألقاه أمام مجلس الوزراء في الخامس من نوفمبر في عام 1943، صرح قائلاً إنه "أعطى الطبقة العاملة وعده ألا يسمح بزيادة في الأسعار" وإن "من يكدحون نظير رواتبهم التي يحصلون عليها سيتهمونه بالحنث بوعده إذا لم يتصرف بشأن زيادة الأسعار. علاوةً على ذلك، ستندلع الثورات بين صفوف الشعب نتيجة لكل ما يحدث."[66]
وعلى الرغم من استمرار برنامج التسلح الألماني سرًا منذ عام 1919، ففي مارس من عام 1935 رفض هتلر الجزء الخامس من معاهدة فرساي عندما أعلن على الملأ زيادة عدد الجيش الألماني (بالألمانية: Wehrmacht) إلى ستمائة ألف جندي (وهو الرقم الذي يبلغ ستة أضعاف الرقم الذي حددته معاهدة فرساي). وأضاف هتلر إليها القوات الجوية (بالألمانية: Luftwaffe) وقرر زيادة عدد القوات البحرية (بالألمانية: Kriegsmarine). وسرعان ما أدانت بريطانيا وفرنسا والمملكة الإيطاليا وعصبة الأمم هذه الأعمال. وبالرغم من ذلك فإن تأكيدات هتلر أن ألمانيا لا تهتم إلا بالسلام جعلت كل الدول تحجم عن اتخاذ أية خطوات من شأنها إيقاف هذا الأعمال مما أدى إلى استمرار عملية إعادة التسلح الألمانية. وبعد ذلك وفي مارس من عام 1935، قام هتلر بعقد سلسلة من الاجتماعات في برلين مع وزيري الخارجية البريطاني - سير جون سايمون - وكذلك مع ايدن وتملص هتلر خلالها بنجاح من العرض الذي تقدمت به بريطانيا لمشاركة ألمانيا في اتفاقية أمن إقليمية؛ وهي الاتفاقية التي كان يقصد بها أن تكافئ نظيرتها الأوروبية - معاهدة لوكارنو. كذلك، تجنب الوزيران البريطانيان التحدث عن العرض الذي تقدم به هتلر بإقامة تحالف مع بريطانيا[65]. وأثناء محادثاته مع سايمون وايدن، استخدم هتلر لأول مرة ما اعتبره تكتيك ذكي للتفاوض من أجل الحصول على مستعمرات في الخارج عندما استغل بنجاح العرض الذي تقدم به سايمون بعودة ألمانيا إلى عصبة الأمم للمطالبة باستعادة المستعمرات الألمانية في أفريقيا[67].
وبدءاً من أبريل في عام 1935، أدى التحرر من وهم الوعود التي تقدم بها الرايخ الثالث والتي لم يتم تنفيذها على أرض الواقع بالعديد من أعضاء الحزب النازي - خاصةً من كان يطلق عليهم المحاربون القدامى (بالألمانية: Alte Kämpfer) (وهم من قاموا بالانضمام إلى الحزب قبل عام 1930 وكانوا أكثر أعضاء الحزب حماسًا لفكرة معاداة السامية)، وكذلك بمن كان يطلق عليهم كتيبة العاصفة (بالألمانية: Sturmabteilung) - بالاندفاع للهجوم على الأقلية اليهودية الألمانية تعبيرًا عن إحباطاتهم مستهدفين بذلك جماعة لن تقوم السلطات بحمايتها[68]. وكان الأعضاء العاديون في الحزب مستاءين لأنه بعد مرور عامين على الرايخ الثالث، وبالرغم من وعود هتلر التي لا يمكن إحصائها والتي وعد بها قبل عام 1933 لم يصدر أي قانون يمنع الزواج أو إقامة العلاقات بين "الألمان المنتمين لأصول آرية والألمان المنتمين لأصول يهودية". وورد في أحد تقارير الجيستابو (بالألمانية: Gestapo) (الشرطة السرية لألمانيا النازية) التي صدرت في ربيع عام 1935 أن الأعضاء العاديين في الحزب النازي "سيبدءون في التحرك الذي نقف وراءه في الخفاء" وهو الحل المقترح "للمشكلة اليهودية" "وهو حل يجب على الحكومة بعد ذلك أن تسير على نهجه" [69]. ونتيجةً لذلك، بدأ الناشطون في الحزب النازي وأعضاء كتيبة العاصفة موجة خطيرة من الاعتداءات والتخريب المتعمد والمقاطعات ضد اليهود الألمان[70].

علم وزاة الحرب النازية


وفي يونيو من عام 1935، تم توقيع المعاهدة البحرية بين بريطانيا وألمانيا (.A.G.N.A) في لندن والتي سمحت بزيادة القوة الألمانية البحرية في البحرية البريطانية لتصل إلى نسبة خمسة وثلاثين بالمائة من قوة بريطانيا البحرية. وقد أطلق هتلر على ذلك اليوم "أسعد أيام حياته" لأنه كان يعتقد أن هذه الاتفاقية هي البداية الحقيقية للتحالف بين بريطانيا وألمانيا الذي تنبأ به في كتابه كفاحي[71]. وقد تم عقد هذه المعاهدة البحرية دون استشارة فرنسا أو إيطاليا؛ وهو الأمر الذي أضعف من مكانة عصبة الأمم ووضع معاهدة فرساي على المحك لإفراغها من مضمونها الحقيقي[72]. وبعد توقيع المعاهدة في يونيو من عام 1935، أمر هتلر بتنفيذ الخطوة التالية على طريق إنشاء تحالف بريطاني ألماني؛ ألا وهي التنسيق بين كل الجمعيات التي كانت تطالب باستعادة المستعمرات الألمانية في أفريقيا ودمجها في عصبة واحدة (بالألمانية: Gleichschaltung) وهي عصبة رايخ الإستعمارية الجديدة (بالألمانية: Reichskolonialbund). وهي العصبة التي أثارت في السنوات القليلة التي تلت ذلك حملة دعائية عدوانية تهدف إلى استعادة المستعمرات الألمانية في أفريقيا[73]. ولم يكن لهتلر اهتمامًا حقيقيًا بالمستعمرات الألمانية السابقة في أفريقيا. وفي كتابه كفاحي ، شجب هتلر بقوة سياسة حكومة ألمانيا الاستعمارية لأنها كانت تسعى وراء التوسع الاستعماري في أفريقيا قبل عام 1914 على أساس أن الامتداد الطبيعي للمجال الحيويلألمانيا النازية يجب أن يكون في أوروبا الشرقية وليس في أفريقيا. وكان هتلر ينتوي أن يستخدم هذه الطلبات الاستعمارية كخطة للتفاوض تعتمد على "تخلي" ألمانيا عن مطالبها الاستعمارية في مقابل أن تدخل بريطانيا في تحالف مع الرايخ يخضع للشروط الألمانية[74].
وفي صيف عام 1935، تم إبلاغ هتلر إنه نتيجةً للتضخم المالي والحاجة لاستخدام العملة الصعبة لشراء المواد الخام التي تحتاجها ألمانيا في عملية إعادة التسلح تبقى فقط خمسة ملايين مارك متاحة للصرف على الشئون الحربية. كما تم إبلاغه بوجود حاجة ملحة لمبلغ ثلاثمائة ألف مارك في اليوم الواحد لدفع خطر نقص الطعام[75]. وفي أغسطس من عام 1935، تقدم هيلمار شاخت بنصيحة إلى هتلر بأن الموجة العنيفة التي تشهدها البلاد لمعاداة السامية تتعارض مع الازدهار الاقتصادي ومن ثم مع عملية إعادة التسلح[76]. وقد أدت نصيحة شاخت التي تقدم بها في شكواه إلى هتلر، وكذلك التقارير التي وردت إلى هتلر بأن الرأي العام الألماني لا يوافق على موجة العنف المعادي للسامية التي تجتاح البلاد وعلى التساهل المستمر للشرطة إزائها حيث إنه أمر يقلل من شعبية النظام الحاكم أمام الرأي العام إلى إصدار هتلر أمرًا في الثامن من أغسطس في عام 1935 يقضي بوقف "التصرفات الفردية" ضد اليهود الألمان إبتداءاً من نفس اليوم[76]. ومن وجهة نظر هتلر، كان هناك ضرورة لإصدار قوانين صارمة جديدة تتعلق بمعاداة السامية كنوع من أنواع الترضية لأعضاء الحزب الذين خاب أملهم بعد قرار الوقف الذي قام بإصداره في الثامن من أغسطس
خاصةً وأنه قد قام بإصدار هذا القانون على مضض لأسباب عملية أما رأيه الشخصي فكان متفقًا مع رأي متطرفي الحزب.
هتلر في مدينة نوريمبيرج عام 1935


وكان الاجتماع السنوي للحزب النازي الذي عقد في سبتمبر من عام 1935 - والذي كان يتم عقده سنويًا في مدينة نوريمبيرج - إشارة لعقد الجلسة الأولى من جلسات الرايخستاج التي تعقد في هذه المدينة منذ عام 1543. وكان هتلر يخطط أن يقوم في هذه الجلسة للرايخستاج بتمرير قانوناً يجعل من العلم النازي الذي كان يحمل الصلييب المعقوف علمًا ألمانيًا لدولة الرايخ، وكذلك لأن يلقي خطابًا مهمًا يدعم فيه العدوان الإيطالي الوشيك على أثيوبيا [77]. فقد شعر هتلر أن العدوان الإيطالي من شأنه أن يتيح فرصًا عظيمة أمام ألمانيا. وفي أغسطس من عام 1935، أخبر هتلر جوبلز بأن رؤيته للسياسة الخارجية هي "أن تكون إنجلترا هي الحليف الداخلي لألمانيا. وأن توجد علاقات طيبة للرايخ مع بولندا، والتوسع في اتجاه الشرق،فبحر البلطيق ملك لنا. والصراع بين إيطاليا وإنجلترا على أثيوبيا، وكذلك الصراع الياباني الروسي الوشيك
 
 
منقول من 
shakwmakw
 
 
يمكنك نسخ روابط هذا الموضوع
URL
HTML
BBCode